الكرم القاتل

كان أحد الأمراء يجلس بين أتباعه .. ودونه ودون الباب حرس وإغلاق .. فإذا برجل من العامة يتجاوز الأبواب والحرس .. ويدخل عليه صارخاً : ( تكفى يالأمير أنا في وجهك ) ..
هب الأمير واقفاً وقد تغير لونه وقال : ( زبنت وخاب طلابك .. من بك ؟؟ )
قال الرجل : الفقر يا طويل العمر ..
فعاد الأمير إلى مقعده .. وصمت قليلاً .. ثم قال : يا فلان ! جئني بالحقيبة الزرقاء !!
فنهض فلان .. وهو أحد أتباعه وجاء بحقيبة زرقاء .. ووضعها أمام الأمير .. فقال الأمير للرجل : أقترب يا هذا ! فلما قرب الرجل منه .. فتح الأمير الحقيبة وأظهر منها ربطة من المال ومدها للرجل قائلاً : تكفيك خمسون ألفاً ؟؟
قال الرجل : تكفي طال عمرك .. فعاد الأمير وأظهر ربطة أخرى ومدها للرجل قائلاً : وهذه خمسون أخرى .. تكفيك ؟؟ فبلع الرجل ريقه وهو يرتجف : تكفي طال عمرك .. فعاد الأمير مرة ثالثة وأظهر ربطة ومدها للرجل قائلاً : وهذه مئة .. تكفيك ؟ قال الرجل وقد زاد ارتجافه وتهدج صوته : تكفي طال عمرك .. ثم عاد الأمير وأظهر ربطة رابعة قائلاً : وهذه مئتان .. تكفيك ؟؟ قال الرجل وهو يأخذ الربطة : تكفي طال عمرك .. ثم سقط على الأرض ميتاً ..
فنهض الأمير ونهض من معه من الناس .. وحُمل الرجل بعد أن طلب الأمير من أتباعه أن يسألوا عنه .. ثم أن الأمير طلب من أهل العلم أن يفتوه : هل هو قاتله ؟؟ فقيل : لا .. إنما مات ميتة طبيعية لأسباب تتعلق بصحته العامة .. وليس عليه وزر موته ..
وبعد حين جاء أتباع الأمير بأخبار الرجل .. فإذا هو من أهل البادية ليس له إلا ابنة واحدة .. متزوجة من ابن عمها .. وابن عمها يعمل حارساً لإحدى بنايات تاجر من أهل المنطقة .. فاتصل الأمير بالتاجر .. واشترى منه البناية .. وسجلها باسم ابنة الرجل وأعطاها المال الذي كان سبباً في موت أبيها .. وسبب في ثرائها وثراء زوجها فيما بعد ..
الموضوع منقول